صناعة السفن تعد
وسائل النقل ضرورةً من ضرورات الحياة لدى الإنسان منذ القدم، وذلك لحاجته الملّحة في الانتقال من مكانٍ إلى آخر بحثاً عن قوت يومه، ولنقل الأغراض والمتاع، ومن أهم هذه الوسائل التنقل بالسفن، حيث بدأ الإنسان بالطرق البدائية المختلفة في صناعة السفن للتنقل عبر البحيرات والأنهار، ثم البحار والمحيطات، وهذا أدى إلى تغيير مجرى التاريخ في العديد من المراحل في التاريخ القديم والحديث.
بداية صناعة السفن من خلال رؤية الإنسان ودقة ملاحظته في قدرة الأخشاب على الطفو فوق سطح الماء، بدأ تاريخ صناعة السفن، فقد استعمل جذوع الأشجار العائمة للتنقل البسيط عبر الأنهار، ثمّ جمع عدداً من جذوع الأشجار وتصنيع ما يعرف بالطوافات من خلال ربطهم ببعضهم البعض، وتطور تفكيره إلى أن وصل لعمل تجويفٍ داخل جذوع الأشجار الكبيرة، وتفريغها من الخشب، مكوناً ما يسمى بالقارب ليتسع شخصاً أو اثنين فقط، إلى أن أصبح حجم السفينة كبيراً ويحمل أعداداً أكثر.
تطور صناعة السفن عبر العصور - شهد تطور السفن تطوراً ملحوظاً في العصر الفرعوني، نظراً لقربهم من نهر النيل، والذي بدوره استخدم كطريق رئيسي في التنقل، ويعود السبب الرئيسي وراء هذا التطور الملحوظ في السفن والمراكب إلى استخدامهم لقوة الدفع، فقد أدخل المصريون الأشرعة لاستخدام قوة الرياح.
- قام المصريون القدامى والفينيقون في الشام باكتشاف السفن الكبيرة التي تتسع لما يزيد عن خمسين راكباً، بالتالي التفوق في السعة الركابية للسفن، وبعدها تمّ تطوير استخدام السفن للأغراض الأخرى، حيث كانت تستخدم المراكب الصغيرة للتنقل والتنزه في نهر النيل إلى استخدام السفن الكبيرة في نقل البضائع والأخشاب من بلاد الفينيقيين إلى بلاد بونت جنوباً.
- ازدهرت كلٌّ من الإمبراطوريتين الرومانية والإغريقية في صناعة السفن، وخصوصاً على المستويين الحربي والعسكري، فمن خلال استخدام الرومان للسفن الحربية وزيادة عدد الجنود فيها، بالإضافة إلى استخدام عدد كبير من المجاديف، تمت السيطرة التامة على دول حوض البحر الأبيض المتوسط .
- أدى اكتشاف المصريين للسفن الشراعية إلى فتح آفاق جديدة للملاحة البحرية، حيث انتشرت البحرية الإسلامية في فترة العصور الوسطى، ومن أبرز البحارة المسلمين: سليمان التاجر، وابن ماجد، فقد ساهمت بشكل واضح في نشر الإسلام في بلاد الهند والصين وإندونيسيا.
- وصل البحار الإيطالي كولومبوس إلى العالم الجديد أمريكا عبر المحيط، من خلال استخدام السفن الشراعية، وذلك عام 1492، إلى أن بدأ فاسكو دي جاما في عام 1497م، برحلته المشهورة عالمياً من أوروبا إلى الهند عبر رأس لرجاء الصالح.
- مع ظهور الثورة الصناعية الكبرى في أوروبا، تهافتت العديد من الاختراعات والتطورات التي شهدتها السفن خلال هذه الثورة، حيث تم اختراع المحرك التوربيني على يد جيمس وات، ثمّ استخدمت أول سفينة بمحرك بخاري عام 1807م، ثم تحركت أول سفينة تعمل على الديزل عام 1910م، والذي يعد بداية عصر سفن الديزل، فقد تميزت هذه السفن بسرعتها الفائقة واستهلاكها الاقتصادي.
- ظهر استخدام الطاقة النووية في السفن بعد الحرب العالمية الثانية، فغواصة نوتيلاس تعد أول غواصة تعمل بالطاقة الذرية، حيث تم استخدام الطاقة النووية كقوة دفع للسفن والغواصات في العديد من التطبيقات.